احمد رباصمستجدات

جان بول سارتر: الجحيم هو الآخرون

أحمد رباص – حرة بريس

‘الجحيم هو الآخرون”، قولة واردة في مسرحية “الجلسة المغلقة” لجان بول سارتر (1905-1980) تفسح المجال لسوء التفسير. غالبا ما تفهم على أنها تعديل بسيط لمقولة هوبز الشهيرة هي الأخرى: “الإنسان ذئب للإنسان”.
ومع ذلك، فهي لا تعني حرب الكل ضد الكل. كل ما يريد سارتر تصويره أنها مأساة داخل الوعي، من خلالها يعرض عاريا امام نظرة الآخر.
لفهم ذلك، علينا العودة إلى ما قاله غارسان، ثالث شخوص المسرحية، في نهاية “الجلسة المغلقة”: كل تلك النظرات التي تلتهمني (…)، لا حاجة للشي، الجحيم هو الآخرون.”
الجحيم لا يتأتى عن التعذيب الجسدي، ولكنه يتأتى عن كون الإنسان عاجزا عن استبعاد حكم الآخر.
وقد سبق لديكارت أن وافانا بفكرة وجود انفرادي ذي سيادة وغير قابل للاختراق.
هذه الأناوحدية المؤسسة على الإيمان بالذات، إذا كانت موجودة، ستكون نوعا من الجنة.
الجحيم هو أن نكتشف أننا وعي بلا رد فعل ولا داخلية، محروم من أسراره. لذلك فإن الجحيم أقل عزلة وظلاما من الشفافية والضوء الساطع.
لكن بالنسبة للملحد الذي كانه سارتر، ماذا يمكن أن يعني الجحيم (مقابل الجنة)؟ في الخقيقة، تعطينا تجربة الخجل لمحة مسبقة عنه هنا على هاذي الأرض.
تخيل، كما اقترح مؤلف “الوجود والعدم” (1943)، أني مندهش من الغيرة عبر ثقب المفتاح. إن إفصاح الآخرين هو ما يضفي غلى أفعالي دلالتها. من خلال نظرته، ادرك إنني زوج غيور يتلصص عليه.
إن الخجل يؤثر على النفس البشرية، لكنه يحدث أمام الآخرين.
كتب سارتر يقول: “إن سقوطي الأصلي (حدث بسبب) وجود الآخر. ليس بسبب أي خطإ على الإطلاق، ولكن لأن فردا آخر يجعلني مختارا أو شيئا في العالم.”
بوصفه فيلسوفا، كاتبا ومؤلفا مسرحيا، تم اعتبار سارتر الأب الروحي الوجودية.. وفي نظره ليس الإنسان سوى ما يصنعه بحياته، كما يقول في كتابيه: “الوجود والعدم” (1943)، “الوجودية نزعة إنسانية” (1946)، ولكن أيضا في مسرحياته: “الذباب (1944)، “الأيادي القذرة” (1948)، “الغثيان (1938)، “دروب الحرية” ( 1945-1949).
بموازاة ذلك وفي غضونه، انخرط في خندق العمل السياسي النضالي تحت لواء الحزب الشيوعي الفرنسي، وفي معمعان الحركات اليسارية خاصة خلال حقبة السبعينيات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube