كلمات* .. في السيادة والتسيب مرة أخرى

هذا ملف خطير .. وهذه ليست حالة معزولة .. ابحثوا وستتأكدوا !*
د أحمد ويحمان
السيادة، يا سادة، ليست مجرد كلمةٍ في الدساتير أو شعارٍ يُرفع في المناسبات الرسميّة، بل هي الحقّ في حماية الكرامة والهوية والمصير. وعندما تُستباح الجنسية، تُهدَّد بذلك الركائزُ الأساسية للدولة، للأمن، وللعدالة. مؤخرًا، أعلنت جهاتٌ قضائية تأديبَ قاضٍ قام بمنح الجنسية المغربية لطفلةٍ من والدين أجنبيين من دون التثبّت الكافي من الوثائق والهُوية. والقضية ليست “سهوًا” بسيطًا، بل تُظهر، بحسب حيثيات قرار التأديب، تهاونًا خطيرًا في أداء مسؤولياتٍ تُعدّ من صلب السيادة القانونية والسياسة التنظيمية للدولة. ومن يُسوّغ هذا التهاون يفتح بابًا واسعًا للتجاوزات الخطيرة :منحُ الجنسية لمن لا يستحقّها، أو من دون استيفاء الشروط القانونية، وفتحُ المجال أمام مافياتٍ تتغذّى على الفساد والبيروقراطية المتواطئة، فتتاجر بالجوازات والوثائق الرسمية، وتُسجّل أشخاصًا لا علاقة لهم بالوطن، بما يشكّل اختراقًا مباشرًا للأمن الوطني وتقويضًا لثقة المواطنين في مؤسساتهم. المسألة لا تتعلّق بقاضٍ واحدٍ فقط، بل تكشف عن منظومةٍ مترهّلةٍ تتقاطع فيها المصالح والسكوت المريب. وقد تابع المغاربة ملف ما عُرف بـ«المافيا الإسرائيلية بالمغرب»، ومحاكمات الدار البيضاء، وتدخّلات البوليس الدولي (الإنتربول)، بل وظهور شركةٍ متخصّصة في بيع جواز السفر المغربي( وهي وثيقة سيادية) ! وصاحبها، وهو “إسرائيليٌّ” استغلّ علاقاته بالمستشار الملكي أندري أزولاي للقيام بهذه العربدة القانونية والإدارية ! .[ كان ينشر إعلانات شركته وصورته مع المستشار الملكي !].
هذه ليست إشاعاتٍ تُنسى، بل حقائقُ موثّقة، والسكوت عنها يُعادل مشاركةً في الاستباحة، وتواطؤًا مع الفساد الذي يعبث بأغلى ما تملكه الدولة : سيادتها. السيادة ليست فقط في الحدود والسياسة الخارجية، بل أولًا في الأصول : في الجنسية، في الحقوق، في القوانين، في القضاء المسؤول، وفي الأجهزة السيادية [ وهي لذلك تسمى كذلك ] التي تحرس الهوية الوطنية. ومن يبرّر التهاون بحجّة أن “الأمر كان قبل يومٍ من اتخاذ القرار”، أو أن “الوثائق بدت مقبولة”، يخلط بين ما هو استثنائيّ وما هو خطأ مهني جسيم يُضيّع القانون ويُضعف الدولة. إن ما تحتاجه البلاد اليوم هو :
1. ترشيد وتحسين إجراءات منح الجنسية؛ وهذا يتطلب تشديد الفحص، توحيد المساطر، تدقيق الهوية، وإلزام الإدارات والخبرات القانونية بالكفاءة والنزاهة.
2. محاسبة كاملة للمتورّطين؛ وهذا يتطلب، ليس تأديبًا شكليًا من حين لآخر، بل مساءلةً حقيقيةً على كل المستويات، لتكون الرسالة واضحة : *لا تجاوزات في السيادة.
* 3. شفافية ومراقبة مدنية؛ وهذا ما يطرح واجبا على الإعلام والمجتمع المدني في أن يُبقيا مثل هذه الملفات في دائرة الضوء، لا أن تُطوى بسرّيةٍ أو تُمرّر بصمت.
4. قوانين صارمة ضدّ مافيات بيع الجنسيات والوثائق الرسمية؛ وذلك عبر تعاونٍ أمني دوليّ فعّال، وتحويل التحقيقات من إشاعاتٍ إلى قضايا قضائيةٍ تنتهي بالعقاب العادل.
*آخر الكلام*
السيادة تُستعاد، ولا تُمنح.ولا يجوز أن تُستباح الجنسية تحت أيّ مبرّر، سواء سُمِّي “خطأً بشريًّا” أو “وثائق مضلّلة”.
إنّ تفعيل الفصل 19 من قانون الجنسية المغربية ضرورةٌ وطنية، لأنه يُسقط الجنسية عن كلّ مغربيٍّ يعمل في وظيفةٍ عسكريةٍ أو يحمل السلاح في خدمة دولةٍ أو كيانٍ آخر غير المغرب. فالجنسية ليست امتيازًا إداريًّا، بل عهدُ انتماءٍ وسيادة، ومنحها لمن يستحقّها، أو إسقاطها عمّن خانها، هو الضمانة الحقيقية لحماية السيادة الوطنية.
السيادة لا تُصان بالتصريحات، بل بالقانون، بالمحاسبة، وبالوطنيين الذين لا يساومون عليها ولا يفرّطون فيها . أما أولئك الذين جعلوا التفريط فيها قاعدةً عندهم، فهم أصلُ كلّ هذه المصائب.
وآخر دعوانا أن اللهم لطفك بهذه البلاد .. ولا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا بنا .. يا لطيييف ! .
———————
× رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع