محطات نضاليةمستجدات

*كلمات* .. في يهودنا ويهودهم

*الذاكرة المشتركة بين جنازة أسيدون وندوة “الحركة الشعبية”*

أحمد ويحمان

جنازة المناضل المغربي أسيدون

سيون (المعطي) لم تكن مجرد لحظة وداع لشخص، بل كانت مشهدًا وطنيًا كثيف الدلالة على عمق الانتماء المغربي ووحدة مكوناته الأصيلة. ففي لقطة ستبقى شاهدة على معنى المواطنة، حُمِل نعش أسيدون على أكتاف بوشتى مساعف، القيادي الإسلامي وعضو المكتب التنفيذي للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، في صورة تكثف وحدة المغاربة على اختلاف مشاربهم في الدفاع عن القيم النبيلة والقضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين، التي تبقى إحدى أولى وأهم القضايا لدى المغاربة. أسيدون لم يكن استثناءً؛ فقد سبقوه في هذا الطريق مناضلين امثال أبراهام السرفاتي وإدمون عمران المليح وشمعون ليفي وجيرمان عياش .. مثقفون من أصول يهودية أحبّوا وطنهم واندمجوا في قضاياه، فبادلهم المغاربة المحبة والاحترام؛ لأنهم كانوا جزءًا من هذا الشعب، لا عملاء عليه، ومثلهم الأخ والصديق المناضل في صفوف المرصد المغربي لمناهضة التطبيع يعقوب كوهين متعَه الله بموفور الصحة والعافية. في المقابل، برزت ندوة ما يسمى “حزب الحركة الشعبية” كرمزٍ معكوس لجنازة أسيدون. ندوةٌ كان نجمها جاكي كادوش، مسؤول الطائفة اليهودية بمراكش، الذي أدار طقوسًا تلمودية أمام الحاضرين من أمثال “الشيخ” الفيزازي وأحمد عصيد وكلاب، حيث وقف هؤلاء امتثالًا وخشوعًا لتلاوة نصوص تلمودية تضمنت تغطية الرأس برداء خاص، ووضع قطعة كاوتشوك على اليد، وتثبيت رمز الكعبة على الجبهة ( في تصميم يُفهم منه، ومن رمزيته، التطلع إلى”غزو أرض الحرمين” بدعوى “الانتقام لخيبر” )، قبل النفخ في قرن الكبش (الشوفار)، وهو طقس تلمودي آخر لم يَجْرؤْ أحدٌ على الاعتراض عليه، بل انضبط “الشيخ” و”العلماني” و”المتأمزغ” لــ”استحقاقه” باحترام وانكسار وخشوع، عبروا عنه بالوقوف والانحناء، جامعين أيديهم كتلاميذ الأقسام الابتدائية . ولم يكن هذا المشهد معزولًا، بل هو امتداد لمشروعٍ أعمق يُنفّذ تحت عناوين “الذاكرة المشتركة” التي صار يديرها عبد السلام بوطيب، وهو من الريف، مدير ما يسمى “مهرجان الذاكرة المشتركة بالناظور”. وهذا المهرجان يتم استدعاء ضباط من دوائر استخباراتية صهيونية إليه . ولقد أشاد به أحدهم (من الموساد)؛ الدكتور إيغال بنون، وخصّه بالثناء على “خدماته” التي تُسهم — بحسب ادعاءه — في اختراق المغرب لصالح دوائر معينة. ولأنّ الريف ريف محمد بن عبد الكريم الخطابي، ريف الثورة والمجد والكرامة، فالمفارقة أليمة حين نجد من أبنائه أمثال بوطيب و “بوجيبار” الذي وصل به الأمر مستوى وصف العلم الفلسطيني ب ” القذارة ” ويهدد بالقتل رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع بدعوى أنه لف جثمان صديقه المرحوم أحمد لمرابط ( وهو من مؤسسي المرصد) بالعلم الفلسطيني ! بوجيبار إسمٌ محترم في التاريخ المغربي ويحمله أحد وزراء عهد بن عبد الكريم؛ لذلك يثير الأسف أن يصدر عن بعض المنتمين إلى هذا الاسم أو إلى أسرته مواقف تتنافى مع قيم الريف التاريخية في الدفاع عن القضايا العادلة. ولا يخفى أن من يحاولون خلق خلطٍ وتوظيف تضحيات حراك الريف ومعتقليه وقياداته لخدمة أجندات معاكسة يستحقون الرفض. (وهذه قصة أخرى.) ونغتنم الفرصة هنا لتجديد دعوتنا إلى الإفراج الفوري عن قادة حراك الريف الحقيقيين، لاسيما بعد التعبير الواضح عن مواقفهم من الوحدة الوطنية ومن فلسطين وإدانتهم الصريحة للمجازر الوحشية والإبادة وجرائم التطهير العرقي لجيش الإجرام الصهيوني . إن القصد اليوم هو محاولة مسخ هويةٍ أمازيغية أصيلة كانت دائمًا في قلب المعارك الوطنية الكبرى — أمازيغية موحا أوحمو الزياني والحو أوحمو وأوباغديس وعسو باسلام وموح بن عبد الكريم الخطابي … تلك الأمازيغية التي لم تُرفع يومًا ضد الوطن أو الأمة، بل كانت دومًا جزءًا من نسيجها المقاوم ومن موقع الطليعة. أما ما يُسوَّق الآن من “أمازيغية متصهينة” فليس إلا ستارًا أيديولوجيًا لتفتيت الوطن وضرب عقائد المغاربة، كما يحدث تحت عناوينٍ أخرى مدعومة من دوائرٍ مماثلة.وكل هذه المحاولات، بما فيها تسخير بعض مرتزقة الثقافة وأدواتهم من طينة لمسيح وعصيد وكلاب وأزهري وكادوش ومن لفّ لفهم، لن تنجح في النيل من إيمان المغاربة ولا من وحدتهم الوطنية والدينية. إن محاولة كل هؤلاء ومن وراءهم أن تفلح شيئا في استدعائهم لما يسمى ” قرآن بورغواطة ” وسوره الثمانين .. ولن تنفعهم سورة “الحنش” ولا سورة ” الديك ” ولا “علم العلوم” البورغواطية بتعبير المدعو كلاب، الموظف عند أودري أزولاي، بنت المستشار الملكي أندري أزولاي ! لن يفلحوا أبدا، ولو جاؤوا بمثلهم ومثل أكاذيبهم مددا .. ولو جاؤوا بمثل من وراءهم ( ومَن وراءَ مَن وراء يوسف أزهري الذي يقول محمد رسول الله ص، صهيوني ! ) مددا ! *آخر الكلام*

في خاتمة القول، نؤكد أن جنازة أسيدون ونقيضها ما سُمّيَت “ندوة الحركة الشعبية” تختزلان طبيعة الصراع الحقيقي في المغرب. إنه ليس صراعًا بين المسلمين واليهود، ولا بين العرب والأمازيغ، بل بين من يقفون مع فلسطين ومن ينحازون إلى المشروع الصهيوني؛ بين من يقفون إلى جانب المظلومين وبين من يصطفون مع المحتلّين. بين الوطنيين الأحرار في كل الديانات، ومن يتصرّفون كعملاء أو أدوات لصالح أعداء الحقوق. وصورة بوشتى مساعف وهو يحمل نعش أسيدون تظلّ أبلغ من كل الخطب والبيانات؛ فهي تُظهر بوضوح أن المغرب واحد موحّد في وطنه ومجتمعه لا يخرج عنه إلا من خان، ولا يخونه إلا من هلك.

وآخر دعوانا أن اللهم اسق عبادك وبهائمك !

رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID