أموال مرضى التغطية الصحية تصرف بلا شفقة ولا رحمة تحت أعين الوزارات الوصية على القطاع فهل من تدخل عاجل لإنقاذ صحة المواطنين؟؟

كما تتبعنا من أكادير الجمع العام المنعقد في فبراير 2023 خاصة الجانب المتعلق بحصر حسابات السنة المالية 2021 وما عرفته بعض البنود المتعلقة بالمصاريف المالية للتعاضدية العامة من سخاء يفكرنا بحاتم الطائي حيث لا يمكن لكل عارف بالمجال المالي أن يستوعب أو يبلع بسهولة كيف وُجِّهت كل المسدسات والأسلحة الثقيلة في صدر تجربة التعاضدية العامة لموظفي الادارات العمومية التي كانت موفقة في ما تقوم به من أعمال (فاتح غشت 2009 إلى 07 أكتوبر 2019) لا لشيء سوى أنه من خلال الأرقام المالية المحصل عليها سنة بعد سنة كانت إيجابية وتحترم القوانين المالية والمحاسبتية كما كان يؤكده مأمور الحسابات عبر مراسلاته إلى المجلس الإداري. في حين أن كل تلك الترسانة المدمِّرة تختفي فجأة ولا يظهر لها أثر والتعاضدية العامة تعرف منذ بداية أكتوبر 2019 تراجعات في الخدمات والفائض المالي بالإضافة إلى سخاء في صرف الأموال التي ورثوها من الأجهزة المنتخبة التي طبق عليها القرار المقيت في الدقيقة الأخيرة من نهاية الحكومة الأولى على عهد الخوامجية المتأسلمين برئاسة المدعو العثماني.
فبالرجوع شيئاً ما للوراء حتى يستوعب القارئ ما يُقدّم له من معطيات ويضعها في سياقها الحقيقي نجد أنّ الخانة المحاسبتية المتعلقة بالمهمات والإستقبال سجلت سنة 2009 التي نظم فيها المتصرفون المؤقتون أنذاك الجمع العام الإنتخابي مصاريف فاقت مبلغ 200 مليون مع العلم أنّ سنة 2008 سجلت أكثر من ذلك أي مبلغ 240 مليون دون أن تعرف أي تنظيم لجمع عام وكان ذلك أنذاك في عهد الأجهزة التي طبق عليها الفصل 26 من ظهير التعاضد في فبراير 2009 وتم حلها بقرار من حكومة الإستقلالي الأستاذ عباس الفاسي.
وبالرجوع إلى سنة 2010 التي دبّرها فريق جديد برئاسة الأخ عبد المولى عبد المومني الذي كان منسق لجنة التنسيق الوطنية الموسعة لمندوبي ومتصرفي التعاضدية العامة لمحاربة الفساد نجد المبلغ المصروف في هذه الخانة لم يتجاوز 27 مليون لأن السنة لم تعرف تنظيم أي جمع عام وكل الجهود كانت ذلك الحين منصبة لوضع مخطط استعجالي واقعي يُمكّن من إنقاذ المؤسسة من الإفلاس ووضعها في السكة الصحيحة لإتمام مسيرتها التعاضدية في القيام بواجباتها اتجاه منخرطيها من لخدام الدولة.
وفي سنة 2011 سجلت هذه الخانة المتعلقة بالمهمات والإستقبالات مبلغ 300 مليون وذلك لكون هذه السنة عرفت تنظيم جمعين عامين إثنين التأم في كل واحد منهما على مدى 3 أيام 373 مندوب ومندوبة إضافة إلى المستخدمين والمدعووين.
ومع مجيء المتصرفين المؤقتين الذين عيِّنوا في 07 أكتوبر 2019 خارج الأعراف وبطريقة ملتبسة حيث كان تعيينهم يوم مغادرة النسخة الأولى وتعيين النسخة الثانية لحكومة الخوامجية برئاسة المدعو العثماني نجد أن الخانة المحاسبتية للمهمات والإستقبالات عرفت في سنة 2020 صرف مبلغ 48 مليون حيث أن هذه السنة لم تعرف تنظيم أي جمع عام.
وفي يناير 2021 عندما نُظم الجمع العام من طرف المتصرفين المؤقتين للمجيء “بمنتخبين جدد” على الطريقة المخومجية فعند حصر حسابات السنة المالية 2021 تم تسجيل مبلغ لم يسبق للمؤسسة أن صرفته في السنة (ما بين 2009 و2020) بالنسبة لهذه الخانة المحاسبتية المتعلقة بالمهام والإستقبالات حيث تجاوز المبلغ المصروف 630 مليون مع العلم أنه لم يتم في سنة 2021 إلاّ تنظيم جمع عام واحد بالنسبة 376 مندوب ومندوبة. هذا المبلغ الكبير تجاوز كل الأرقام التي كانت تصرف في السنة خلال مرحلة ما بين فاتح غشت 2009 و07 أكتوبر 2019 ورغم أن عدد المناديب المنتخبين فيها كان 500 مندوب ومندوبة ويشاركون على مدى 3 أيام في الإجتماعات وكان التنظيم يعرف كذلك في السنة الواحدة إما جمعان عامان أو جمع عام وعلى هامشه يوم دراسي دولي أو جمع عام بعد انتخابات المندوبين لهيكلة الأجهزة أو جمع عام مع أيام دراسية يتم تنظيمها جهوياً للمنتخبين والمستخدمين على مدى 3 أيام ولا يقل الحضور في الأيام الدراسية الجهوية عن 180 فرداً.
وهذا السخاء في الإنفاق هو راجع لاستمرار، “رئيس” المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، في صرف أموال المنخرطين والمرضى على الجموع العامة بمراكش والحسيمة وآخرها هذه السنة بأكادير.
وبحسب الوثائق ، فإن “الرئيس”، الذي يحاول إقناع أعضاء المجلس الإداري والمناديب بأنه حريص على أموال المنخرطين، صرف في ظرف يومين، ثلاثة ملايين و207 ألف و372 درهم على الجمع العام المنعقد بالحسيمة بين 27 و29 ماي، الذي عُهد تنظيمه إلى شركة « ATHMOSFEERIC » التي يوجد مقرها في حي الرياض بالرباط.
وبحسب المعلومات الموثوقة من مصدر جد مطلع، يتضح أن الأثمان التي أدتها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية للشركة المحظوظة “منفوخة”، منها ثمن المبيت ليلة واحدة في غرفة بفندق مصنف من خمس نجوم الذي وصل 4050 درهم، في الوقت الذي يمكن لأي شخص حجز غرفة في الفندق نفسه بـ 2784 درهم لليلة الواحدة من الأنترنيت، علما أن الفنادق تمنح عروضا خاصة للمؤسسات التي تحجز عددا كبيرا من الغرف أو تحجز عدد ليالي مبيت أكبر وتخفض ثمنها، بالإضافة إلى “النفخ” في ثمن كراء القاعات وحفلات الشاي ومصاريف الطبع وغيرها.
وأدت التعاضدية يوم 27 ماي مجموع المبيت في 250 غرفة بمليون و12 ألف و500 درهم، بالإضافة إلى حفل شاي كلف 110 آلاف درهم لفائدة 500 شخص، أي أن تكلفة الشخص الواحد بلغت 220 درهم. وبالإضافة إلى ذلك، أدى “الرئيس” من أموال التعاضدية، 50 ألف درهم ثمن كراء خمس قاعات اجتماعات « VIP »، وقاعة أخرى للاجتماعات تتسع لـ 500 شخص ليوم واحد بمبلغ 85 ألف درهم.
وصرف “الرئيس” يوم 28 ماي الماضي، أي اليوم الثاني من الجمع العام، مليون و12 ألف و500 درهم على غرف الفندق والمشروبات، إلا أنه في اليوم نفسه وعكس اليوم السابق، صرف ضعف المبلغ على حفل الشاي، إذ استقبل في اليوم الأول بحسب الوثائق 500 شخص فقط، فيما استقبل في اليوم الثاني من الجمع العام 1000 شخص، لترتفع الفاتورة من 110 آلاف درهم إلى 220 آلاف درهم. كما أدى كذلك مصاريف كراء خمس قاعات بـ 50 ألف درهم، وقاعة أخرى للاجتماعات تتسع لـ 500 شخص ليوم واحد بمبلغ 85 ألف درهم.
ولم يكتف “الرئيس” بذلك، بل أدى 9900 درهم لـ 18 مضيفة، أي 550 درهم لكل واحدة، فيما بلغ ثمن لوحات إشهارية 3 آلاف درهم، و2160 درهم للوحات عازلة، وصرف على “البادجات” 14 ألف درهم، و6 آلاف درهم لتزيين خلفية المنصة بلافتة عادية. وصرف على معدات الصوت والطبع 35 ألف درهم، أما المحفظات والأقلام والمذكرات الموزعة على الحاضرين، فكلفت 147 ألف درهم. وتنضاف إلى هذه المصاريف، التي ليست إلا اقتطاعات الموظفين والمرضى والأرامل والمتقاعدين والمسنين، تعويضات التنقل بالنسبة إلى أعضاء المجلس الإداري والمناديب والموظفين بحسب عدد الكيلومترات المقطوعة، وتكرر السيناريو نفسه في الجمع العام الذي تم عقده في أكادير.
ورغم الانتقادات التي طالت صديقه الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية الذي طبق عليه الفصل 26 في فبراير 2009 على عهد حكومة الأستاذ عباس الفاسي والتي كان يشغل “الرئيس الحالي” إلى جانبه أنذاك منصب الكاتب العام للمكتب المسير ، (هذه الإنتقادات) التي كانت بسبب الاختلالات التي يشتبه تورطهم فيها، وقادتهم إلى المحاكمة أمام قسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، يعيد “رئيسها الحالي”، السير على الخطى نفسها، ما يفرض تدخل الجهات المختصة وأجهزة التفتيش والمراقبة ومنها “أكابس” التي حشرت أنفها في هذا الملف وبشكل مستعجل.
يتبع ………